أسرة محمد
علي باشا ,واستيلاء محمد على باشا على الديار المصرية ,وحقيقة محمد علي باشا ,ونهوض
محمد علي ,وحروب محمد على باشا ,وانجازات محمد علي باشا ,وتوطيد سلطة محمد علي في
مصر ,وجرائم محمد علي باشا ,و محمد علي باشا حقيقته و نهوضه و استيلائه على مصر كل
هذا سيتم الكتابة عنه في هذا المقال أن شاء الله سبحانه و تعالى.
أسرة محمد علي باشا
وُلد محمدعلي باشا ابن إبراهيم أغا من سلالة ألبانية ببلدة( قَوَلَة )أحد المواني الصغيرة
التي على الحدود بين ترقية ومقدونية عام
١١٨٣ ه/ ١٧٦٩ م, تُوفيِّ والده إبراهيم أغا وهو في سن الطفولة، فتولى أمره
عمه هذا وافته منيته بعد مدة وجيزة، فقام بأمر تربيته أحد أصدقاء والده، وقد
تبنَّاه وعُني به حتى بلغ الثامنة عشرة من عمره، فتعلم طرفًا من الفروسية واللعب
بالسيف، ثم زوَّجه إحدى قريباته، وكانت من ذوات اليسار.
وخدم حاكم
قولة، واكتسب رضاه بما كان يأتيه من ضروب المهارة والحذق في جباية الأموال من
القرى المجاورة التي كانت لا تؤدي ما عليها إلا بالشدة واستعمال القوة الجبرية،
وأعانته ثروة زوجته على الاتجار وكان أحد
صغار التجار ويغلب أنه كان وكيلًا لأحد «
ليون » في الدخان، فاصطحب المسيو المحال التجارية بمرسيليا مسقط رأسه وشاركه في الاتجار في هذا الصنف، فلم تَعُدْ
عليه هذه التجارة بالأرباح الطائلة، إلا أنه استفاد فائدة جمة من مرافقته للمسيو
فاكتسب منه كثيرًا من العادات والآداب الفرنسية التي تركت في نفسه أثرًا ؛( ليون )
عظيمًا، وساعدته مساعدة كبيرة في بقية أطوار حياته.
هذا كل ما
رواه التاريخ من سيرته الأولى، وهو يحملنا على أن نترك الثلاثين سنة الأولى من
تاريخ حياته صحيفة بيضاء؛ وذلك أمر لا بد منه لمن نشأ في بلدة صغيرة لم تكن ذات
شأن كبير من قبل.
استيلاء محمد على باشا على الديار المصرية
وقبل أن
نشرح طريقة استيلاء محمد علي على الديار المصرية وإبادته للمماليك يجب علينا أن
نصف حالة الدولة العثمانية في إبَّان شبابه، حتى يتمكَّن القارئ من الوقوف على سر
نجاحه: كانت الدولة العثمانية إذ ذاك مكوَّنة من عدة شعوب مختلفة، ذوي أديان
متباينة ونِحَل متضادة؛ مما طرَّق إليها الضعف، وأدخل عليها الوَهَنَ والاختلال
علي باشا والي » الذي كاد يبلغ أقصاه في عصر محمد علي؛ إذ قد بدأ في عهد صغره أمر
وهو أيضًا من الألبانيين: أولئك القوم الذين فتحوا الشرق بقيادة الإسكندر(يانينة)
واستوطنوا مصر في عهد البطالسة، وهدَّدوا رومية في زمن بيروس. خرج ذلك الرجل على دولته، فنكث فَتْلها، وأقلق بالها، واستقل بأمر
ألبانيا مدة خمسين عامًا انتهت بقتله غِيلة سنة ١٢٣٧ ه/ ١٨٢٢ م.
وكانت كذلك
جميع أجزاء الدولة مفككة العُرى ثائرة على الباب العالي؛ فمصر والأناضول وسورية
كلها كانت في فتن وقلاقل، وبلاد العرب مع الدولة في حرب عوان، وكانت الولاة في
يانينة وبغداد كأمراء مستقلين، واستقلَّ بالفعل في عكاء أحمد باشا الجزَّار، وشرع
يحذو حذوه معظم ولاة الدولة، ووقف دولاب أعمال الحكومة الداخلية جملة، وكان الجيش
مؤلفًا من رعاع الناس وسِفْلَتهم، وكان السلطان أشبه بسجين أو ألعوبة في يد وزرائه
وعساكرهالإنكشارية، وكان الباب العالي مكوَّنًا من فئة الوزراء الذين يتهددهم
الخطر في كل لحظة؛ فقد كان كلٌّ منهم يتحيَّن الفرص لاغتيال زميله، أو للسعي في
عزل السلطان وتولية غيره؛ ليكون هو الصدر الأعظم الجديد.
تلك كانت
حال الدولة بالاختصار في شبيبة محمد علي، ومنها يسهل تفهم أطوار حياته وعلاقته مع
الدولة. وبالرغم من كل هذا كان عامة مسلمي الدولة مُطيعين خاضعين للسلطان من آل
عثمان؛ لأنه خليفة رسول لله صلى الله عليه وسلم والإمام الواجب تنصيبه دينًا، ولو
لم يكن له من الأمر شيء. بخلاف الوزير أو الوالي اللذَين لم يكن كلٌّ منهما في
نظرهم إلا فردًا من رجال الحاشية توصَّل إلى مركزه السامي بالحظوة أو الرشوة؛ لذلك
نرى أن كل الفتن والقلاقل في ذلك العهد كانت نتيجة المنافسة القائمة بين حكام
الأقاليم ورجال الباب العالي، وأن فوز أحدهم بأمنيته كان متوقفًا على حسن الحظ
والإقدام والخداع، لا على الكفاءة الشخصية والمواهب الطبعية.
حقيقة محمد علي باشا
لما بلغ
محمد علي الثلاثين من عمره عام ( ١٢١٢ ه/ ١٧٩٨ م)، وكان لا يزال في مسقط رأسه بين
أولاده الثلاثة: إبراهيم وطوسون وإسماعيل. وقد ذكرنا أن تجارة الدخان لم تَعُدْ
عليه بربح طائل؛ لذلك كان ميالًا للاحتراف بمهنة أخرى، فلم يلبث إلا قليلًا حتى
دخل في طور جديد من أطوار حياته، والسبب في ذلك يرجع إلى الحملة الفرنسية على مصر.
وذلك أنه
في سنة ١٢١٣ ه/عام ١٧٩٩ م .أعلن الخليفة الحرب على الفرنسيين لغزوهم مصر، فأصدر الأوامر
بجمع الجيوش من أنحاء الدولة، فجمع حاكم قولة علي » فرقة عددها ٣٠٠ من الجنود
المتطوعين( الباش بُزُق) بقيادة ابنه ( الشربجي) ورافق محمد علي هذه الفرقة وكيلًا
له عليها، فتوجهت بطريق البحر إلى الدردنيل، ومن ثَمَّةَ انضمت إلى عامة الجيش في
جزيرة رودس.
ولما وصل
الجيش إلى ميناء بوقير من الديار المصرية التحم بالجيش الفرنسي، فكانت الدائرة على
الترك، واضطرهم الفرنسيون إلى الالتجاء لسفنهم وسفن الإنجليز المرافقة لها بعد
مذبحة شنيعة. وكان محمد علي
قد أشرف على الغرق لولا أن قيض لله فانتشله من الماء بيده وأنزله في سفينته.(
السير سِدْني سِمث ) له
وبعد ذلك رجع محمد علي إلى بلدته، ثم عاد سنة
١٢١٥ ه/ ١٨٠١ م و مع جيش على إجلاء أبِرْكُرومبي الذي جاء ليساعد القائد
الإنجليزي القبطان حسين باشا الفرنسيين. ومن هذا الوقت بقي في مصرحتى صار واليًا عليها. وقد نال إعجاب قائده والقوَّاد الإنجليز بما كان يأتيه من ضروب الشجاعة
وشدة البأس عند هجومه على حصن الرحمانية؛ إذ دخله عنوة بعد أن اضطر القائد الفرنسي
إلى إخلائه؛ وكان هذا سببًا في رقيه إلى رتبة قائد في الجيش.
نهوض محمد علي
بعد إخلاء
الحملة الفرنسية البلاد ورجوعها إلى فرنسا ابتدأت جماعة المماليك تشْرئبُّ أعناقها
لأن تقبض على زمام الأمور في البلاد كما كانت من قبل، في حين أن الباب العاليَ كان
يطمح إلى طرد المماليك من الديار المصرية، واسترجاعها بعد أن اغتُصبت منه مدة من
الزمان، لكن المقادير جاءت بعكس ما أمل الفريقان؛ إذ أراد لله أن تكون نصيبًا
لمحمد علي.
بدأ النزاع
بين الباب العالي والمماليك عندما أراد الأول أن يستقل بالسيادة في مصر، فاستخدم
للتغلب عليهم طريقة غير مقبولة؛ وذلك أن القبطان حسين باشا دعا البكوات العظام من
حزب مراد بك إلى معسكر بوقير، بعلَّة التفاوض معهم في صيرورة حكومة مصر، فكان
معظمهم غير مرتاح البال إلى هذه الدعوة، إلا أن خوفهم من نزع السلطة ( هتشنسون )
كلها من أيديهم حملهم على تلبيتها، وطَمأن خاطرهم قربُ معسكر القائدالإنجليزي.
قابلهم
الباشا القبطان بتهلُّل واستبشار وأكرم مثواهم، ثم دعاهم إلى ركوب زورق له لزيارة
القائد الإنجليزي، بحجة أنه يريد أن يتفاوض معه أيضًا، ولما بعدوا عن الشاطئ
قليلًا لحقه زورق يحمل بعض الأوراق، فاستأذنهم ليقرأها على انفراد وترك الزورق بمن
فيه من البكوات؛ فظهر لهم عند ذلك أنه يريد بهم سوءًا، فأمروا النواتي بالرجوع
فامتنعوا وأطلقوا عليهم النار، فقتلوا ثلاثة وجُرح عثمان بك البرديسي واثنان
آخران، فلما علم القائد الإنجليزي بذلك استشاط غضبًا، فاعتذر له الباشا القبطان
بأسباب واهية.
وفي الوقت
الذي حدثت فيه تلك الحادثة عند ساحل البحر كانت تمثَّل الرواية نفسها في القاهرة،
وقد احتمى معظم من بها من البكوات بالمعسكر الإنجليزي رغم إلحاح الصدر الأعظم في
تسليمهم إليه؛ فكانت هذه « رَمْزي » فيها، فأسعفهم القائد محمد على الحادثة مدعاة
إلى اشتعال نيران الحقد في صدور المماليك، وقد زادها لهيبًا جعل مملوك الباشا
القبطان واليًا على مصرفي(ربيع الأول سنة ١٢١٦ ه/يوليو سنة١٨٠١م)؛ حصَّل له القبطان ذلك المنصب بتوسط الصدر
الأعظم يوسف باشا لدى الباب العالي.
ويُعتبر
خسرو باشا الوالي الجديد على الديار المصرية من أشهر رجال الترك في القرن الثالث
عشر، وكان ذا حُظْوة عظيمة لدى السلطان، وقد خاصم محمد علي مدة نصف قرن كان في
أثنائها عدوَّه المبين لأسباب سنذكرها في موضعها. وكان من الذين يُعتدُّ برأيهم في
جسام الأمور ومعضلات السياسة كما سيجيء، ولا يُعزَى فشلُه في مصر إلى قلة الذكاء
والشجاعة، بل لأنه ابتدأ حروبًا داخلية في وقت كانت فيه خزانته خلوًا وجيشه غير
مدرب، على قوة عظيمة من فرسان المماليك الذين كان في قبضتهم خيرات البلاد وفيضُها.
حروب محمد على باشا
ومن العبث
أن نتجاهل ما كان للمماليك من المزايا العظيمة التي يمتازون بها على الأتراك في
حربهم لهم؛ وذلك لأنهم التحموا بالجيوش الفرنسية أكثر من الأتراك، فاقتبسوا من
طرقهم الحربية ما زادهم فَوْقًا على الأتراك، ذلك إلى أنهم يعرفون البلاد أكثر من
جنود الترك الذين وصلوا إليها حديثًا، وأنهم كانوا لا يزالون أصحاب النفوذ
والسلطان في البلاد.
مطاردتهم
ونزْع البلاد من أيديهم، ظهرت كل هذه العقبات ( خسرو ) فلما أراد أمامه، فضلًا عن
أنهم القابضون على أَزِمَّة الأحكام في المديريات، فأصبح القصد إذنْ من قائد
الألبانيين بجيش ( طاهر باشا ) حربه لهم انتزاعَ البلاد من قبضتهم؛ فأرسل لذلك كان
نصيبه الخيبة والفشل، وطارده عثمان بك البرديسي قائد المماليك من الوجه القبلي إلى
الوجه البحري حتى ساحل البحر.ولما وصلت أخبار هذه الهزيمة إلى خسرو أعدَّ مددًا أرسله
بقيادة محمد علي، وكان ممن نال ثقة خسرو في هذا الحين، إلا أن عثمان بك بادر إلى
مناجزة الجيش التركي قبل أن يصل إليه المدد الذي كان يقوده محمد علي، وبدَّد شمله.
فلما علم
خسرو بالهزيمة الثانية وجَّه لومًا إلى الألبانيين وخاصة إلى محمد علي، وأراد أن
يحاكمه على تقصيره أمام مجلس عسكري، وكان غرضه بذلك اغتياله، فامتنع محمد علي عن
الحضور، ومن هذا العهد ابتدأت بذور العداوة تنبت بين هذين الرجلين؛ تلك العداوة
التي فتَّت في عضد الدولة ومزَّقت أحشاءها كلَّ ممزق.
وبعد
الهزيمة الأخيرة أبت عساكر الترك الحرب كل الإباء لتأخر رواتبهم، وثاروا وحاصروا
الخزانة ونهبوا وسلبوا القاهرة، فاعتصم خسرو بالقلعة، وأصلى العصاة منها نار
حامية، فأراد إذ ذاك طاهر باشا قائد فرقة الألبانيين وعددهم ٥٠٠٠
أنيتوسط بين خسرو والعصاة، فأبى خسرو وساطته، فانضم إلى العصاة عليه، ولما
لم يجد خسرو لديه حينئذٍ جندًا تحميه ولَّى هاربًا إلى دمياط، وبقي بها ينتظر فرصة
يستردبها ما فقده.
ولما علم
طاهر بذلك جمع رءوس العلماء وأشراف العاصمة وشاورهم في الأمر، فرضُوا أن يكون
نائبًا عن الوالي عليهم، فأعلن أنه هو الحاكم على مصرحتى يولِّيَ الباب العالي
خلفًا لخسرو باشا، وذلك في (صفر ١٢١٨ ه/مايو ١٨٠٣)، وكان من سوء طالع طاهر باشا
أنه وقع في نفس الحيرة التي وقع فيها خسرو؛ إذ لم يمكنه دفع مؤخر رواتب الجند،
وبعد ٢٢ يومًا من قبضه على زمام الأحكام تألَّب عليه الجند، واغتاله ضابطان ( موسى
أغا وإسماعيل أغا ) بعد أن تظلَّما له من تأخير رواتب الجنود.
فأصبح محمد
علي بعد هرب خسرو وقتل طاهر رئيس الأجناد
غير المماليكمن الأرناء وط وغيرهم؛ لأن رتبته في الجيش كانت تلي رتبة طاهر باشا،
ولأنه كانمحبوبًا لدى العلماء والأهالي لما كان يُبديه من العطف والحنان عليهم،
فحاز رضاهمبدفاعه، وكاد يعلن نيابته عن الوالي لولا أن رأى مركزه لا يقل خطرًا عن
مركز طاهر؛لعدم قدرته على دفع مؤخر رواتب الجند، وعلى مقاومة خسرو باشا والمماليك
معًا بمنكان تحت إمرته من الألبانيين؛ فرأى أنه من الحكمة والكياسة أن ينضم إلى
عثمان بكالبرديسي هو ومن معه، فتحالفا ونصَّبا إبراهيم بك الكبير نائبًا عن الوالي
العثماني، لكبرسنِّه ومكان احترامه عند المماليك، وطردوا الإنكشارية من مصر.
والي
المدينة وينبع، مارٍّا بها، يستمدُّ واليها ويتأهب ( أحمد باشا) وكان بمصروقتئذٍ
للخروج إلى منصبه، ويؤلِّف حملة يكافح بها الوهابيين؛ فاشترك في هذه الحوادث
وفيمقتل طاهر باشا، وجعل نفسه واليًا على مصر، أو على الأقل نائبًا عن خسرو
ريثمايحضر من دمياط، وكاد يتم له مراده لولا مناصبة محمد علي وإبراهيم بك له
وعدماعترافهما له بأي حق في التدخُّل في شئون البلاد. ولم يشعر بسلطته أحد؛ لأنها لم تَدُمْأكثر من
يوم وليلة، ثم جاءه التقليد من الأستانة بنيابته عن الوالي حتى يحضر، ولكن بعد
فوات الفرصة؛ فإنهم طردوه وباقيَ الإنكشارية من مصر، فخرج إلى الحجاز.
ثم إن
البرديسي ومحمد علي تعاونا على إخضاع المماليك الثائرين الذين كانوايهددون
العاصمة، وبعد أن تم لهما ذلك عمِلا على بت الأمر في قضية خسرو؛ فأعدَّ لذلكعثمان
بك البرديسي جيشًا بريٍّا، أما محمد علي فإنه جهَّز أسطولًا صغيرًا ونزل به إلى
دمياط، وكان قد أخذ لذلك عدته، وبعد مناوشات خفيفة أخذ خسرو سجينًا إلى القاهرة.
ولما علم
الباب العالي بسير الأحوال في مصراستولى عليه الخوف والقلق، واتضح له،( علي باشا
الجزائري ) جليٍّا أن خسرو أصبح غير لائق لولاية مصر، فأصدر عهدًا بتولية ونزل هذا
الوالي الجديد بالإسكندرية في (ربيع الأول سنة ١٢١٨ ه/ ٨ يوليو سنة١٨٠٣ م)، فرأى
أنه لا يمكنه مقاومة البرديسي ومحمد علي بحد السيف، فاتفق معهماظاهرًا، على حين
أنه كان يعمل في الخفاء على هدم قوتهما وتكوين حزب وطني مصري وقعت « السادات »
يناهض المماليك، ولكن من سوء حظه أن بعض مراسلاته مع السيدفي يد البرديسي وكان هذا ضيفًا عنده فاحتال البرديسي في قتله، وتم له ذلك في(شوال
سنة ١٢١٨ ه/يناير سنة ١٨٠٤ م).
وفي الشهر
التالي لمقتل علي باشا الجزائري ظهر رجل ذو سطوة وبأس وأعوان الذي يُعَدُّ من أكبر
المماليك في الديار المصرية؛ وذلك أنه « محمد بك الألفي » كثيرين، وهو رجع من
إنجلترا بعد أن مكث بها سنتين، وكان قد سافر إليها عام ( ١٨٠٢ م) مع الحملة
الإنجليزية، وسبب سفره أن الإنجليز كانوا قد عاهدوا المماليك في واقعة سنة ( ١٨٠١
م) أن يأخذوا بناصرهم، ليتخذوهم صنائع وأعوانًا لهم بمصرإذا اقتض بالحال تدخلهم
فيشئونها مرة أخرى.
انجازات محمد علي باشا
فلما رجعت
الحملة صار يتغنى قوادها بفروسية المماليك شجاعتهم وخدماتهم، فسهل على الأمة
الإنجليزية تعزيز هذا الاتفاق، وعزموا على مساعدة الألفي وحماية المماليك. فلما وصل إلى السواحل المصرية علم أنه لا يمكنه الوصول
إلى ضالته إلابتوحيد قوى المماليك وجعْلهم تحت حماية الإنجليز، وكان ذلك لا يتم له
إلا بالاتحاد معالبرديسي عدوه العنيد، وإبراهيم بك الكبير. فلما نزل عند بوقير
قابله أعوانه بكل حفاوة وإكرام، وإذ كان في ريبة من أمر البرديسي اتخذ مسكنه في
دمياط، وأصدر الأوامر إلى أتباعه بالاجتماع في ضيعته بالجيزة، ومعهم كل ما يمكن
جمعه من العدة والعدد، علىأن يلحق بهم بعد.
إلا أن
وصوله إلى الديار المصرية لم يَرُقْ في نظر كلٍّ من البرديسي ومحمد علي؛ لأن الأول
رأى أن من الخطل أن تكون نتيجة خلعه واليَيْن وقتله ثالثًا أن يشاركه في السلطة
مناظر كان بعيدًا عن الديار أثناء حربه معهم، وفاته أنه لو اتحد مع الألفي كما
اتحد مع إبراهيم بك لاستعادوا سلطة المماليك في مصر؛ لأن محمد علي غريب عن البلاد
وهو وحده لا يقوى على مقاومتهم، ولكن تدبير محمد علي ودهاءه وسعوده كلها حالت دون
اتفاقهم، خصوصًا أنه رأى أن البرديسي في قبضته ولا داعيَ قط لإشراك مملوك آخر في
حكم البلاد؛ فاتفق الاثنان على أن يتخلصا من محمد الألفي، وفعلًا حاصر محمد علي
ومن كان معه من الألبانيين قصرَه في الجيزة وأخذ أتباعه على غرة، وقتل منهم خلقًا
كثيرًا، وفر الباقون.
أما
البرديسي فسار بجيشه ليفتك بالألفي في طريقه إلى القاهرة،فقابله بالمنوفية هو
وحاشيته، فأفْلت الألفي من يده وهرب إلى سورية، أما من كان معهفقتل معظمهم وسلب كل
ما معهم من المتاع والمال.
اتَّبع
محمد علي أثناء كل هذه المكافحات التي ناصب بها السلطان ومحمد الألفيخطة أظهرت ما
كان عليه من الدهاء والحكمة؛ إذ إنه اختفى وراء الستار، وأظهرالبرديسي بمظهر
العاصيفي وجه السلطان والمهاجم للألفي بك، مع أن محمد علي كانيساعده في جباية
الأموال اللازمة للجيش الذي كانا يستظهران به على من ينازعهما السلطة.
ولما هرب
الألفي من الديار المصرية طلب محمد علي من البرديسي رواتب الجند،وأنذره أنه إذا
تأخر اضطُر إلى تركه وحيدًا وساعد الترك عليه وانضم إليهم، فلم يسعالبرديسي إلا
تلبية طلبه، وبذل كل جهده في جباية ما يلزم من المال بالقوة من التجار،فأثار غضب
الأهالي وهيَّجهم، ولا سيما أن ذلك أعقبضرائب فادحة جمعتها الحكومةواستَعمل الجباة
في استخراجها العنف والشدة معهم؛ إذ كانوا يضربون من يمتنع منهم،وقد يقتلونه.
فانتهز هذه
الفرصة محمد علي وانسلخ من البرديسي، وأظهر استياءه لجمع هذهالضرائب الفادحة، ووعد
الأهالي بالأخذ بناصر الذين يعارضون في جمعها، فمال إليهالناس، وأصبح محبوبًا عند
عامة أهل القاهرة وأشرافها، ولَمَّا وثق من أن الرأي العام يؤيِّده، وأن هذه أحسن
فرصة للقضاء على سلطة البرديسي والتخلُّص منه ومن أتباعه،قام في فجر يوم( ٣٠ ذي
القعدة سنة ١٢١٨ ه/ ١٢ مارس سنة ١٨٠٤ م)هو وجميع من التفَّ حوله من الجند وحاصروا
قصر البرديسي الذي كان محصنًا بالمدافع
فتمكَّن محمد علي من رَشْوِ رجال مدفعية البرديسي فحوَّلوا مدافعهم على سيِّدهم؛
إلا أن البرديسي وإبراهيم بك الكبير اقتحما الطريق وفرَّا هاربَين إلى بلاد سورية.
فصفا الجو
عندئذٍ لمحمد علي، وأصبح صاحب الكلمة النافذة في القاهرة، إلا أنهرأى الفرصة لم
تَحِنْ بعدُ للقبض على زمام الأمور في الديار المصرية للأسباب الآتية:
١- أنه رأى لا بد من أن عثمان بك البرديسي ومحمد
بك الألفي سيتفقان على مناوأته،وهو لا يقوى على مكافحتهما متَّحدَين.
٢- أن أتباعه من الجند لم تكن إلا عصابة صغيرة
من الألبانيين لا تقوى على منازعةجميع الماليك.
٣- أنه كان يعتبر في هذه الفترة خارجًا على
الدولة لاشتراكه في خلع خسرو، وأن الدولة ربما أرسلت جيشًا لقهره والضرب على يده.
فأراد أن
يتخلص من هذا المأزق الحرج بإذاعته أنه يريد تحرير القطر المصري من جور المماليك
وعسفهم، حتى يكون قد خدم الدولة خدمة جليلة تمحو ما مضىمن سيئاته وعصيانه، ومهَّد
السبيل لذلك أنه لَمَّا علم أن الباب العاليَ عين واليًا جديدًا بدلًا من
الجزائري قام في الحال وأطلق خسرو
باشا وكان سجينًا ليتولى الأمور حتى يصل الوالي الجديد، ولكن
الجند لم يرضَوْا بأي حالٍ إعادة تنصيبه واليًا؛ فاضطُر محمدعلي بعد إطلاقه بثلاثة
أيام أن يُسفِّره إلى رشيد، ومن ثَمَّ أبحر إلى القسطنطينية بعد أن أظهر له عجزه
عن حمايته.
الوالي
الجديد واعترف « أحمد خورشيد باشا » وبعد هذا الحادث بزمن وجيز وصل بتوليته كل
الجيش من تُركٍ وألبان، وأذعنوا له بالطاعة، ولكنه أظهر بعد فترة من الزمن ويسمى
علي باشا الطرابلسي أيضًا نسبةً إلى طرابلس الغرب.أنه والٍ ضعيف الإرادة غير كفء لهذا المنصب،
وعجز كسابقيه عن دفع مرتب الجند والأتراك، فرجعوا إلى السلب والنهب. أما محمد علي
فاتبع الطريق الأقصد، ومنع أتباعه من الألبانيين من مصادرة الأهالي، بل كان بالعكس
يجتهد في حمايتهم من ظلم الأتراك وعسفهم .
ولَمَّا
رأى الأهالي ما ارتكبه الجنود ثاروا على الوالي والتجئوا إلى محمد علي ليوقف هذه
المظالم، فأمَّنهم على حياتهم وأموالهم بشرط أن يدفعوا له من المال ما يقوم بحاجة أتباعه
من الألبانيين. وفي هذه الأثناء جاء إلى خورشيد باشا الوالي أمر سلطانيباستدعاء
الألبانيين وقائدهم محمد علي، فتأهب هو وجنده للرحيل من الديار المصرية، فرجاه
كبار الأمة وعلماؤها في البقاء بمصرخوفًا من تسلط الأتراك وبطشهم، فقبل ذلك منهم
وأبى الرجوع. وفي هذه الأثناء جمعت المماليك جموعها على مقربة من المنية للإغارة
على القاهرة، فولى خورشيد محمد علي قائدًا على الجيش الذي أعده لمحاربة المماليك،
فحاربهم في عدة وقائع لم تكن فاصلة.
وفي خلال
هذه الحروب وصل جيش من الدلاة من قِبل الباب العالي أكثر همجية وأبشع حالًا من
الجيش الذي في داخل البلاد ليحل محل الألبانيين، فلما علم محمد علي بذلك ظن أنه
وقع بين نارين، فقفل راجعًا إلى القاهرة وأخبرهم أنه لم يحضر لخلاف ،« دير الطين »
و « البساتين » وواجه الجيش الجديد جهة ولا عصيان، ولكن لطلب النفقة والمئونة،
وأنه يرمي معهم إلى غرض واحد وهو تأييد الوالي والسلطان وإبادة المماليك؛ فانخدعوا
بقوله، وأفسحوا له الطريق، فدخل القاهرة دخول المنتصر بعد أن اتفق مع الدلاة وأجزل
لهم العطاء والهدايا، فأصبحوا معه على الوالي، وسمح لهم بالذهاب في طول البلاد
وعرضها، يجمعون الضرائب ويأكلونها.
ولما عاثت
جنود الأكراد الدلاة في الأرض فسادًا قام الأهالي في وجه خورشيد، وطلبوا من محمد
علي أن يحميَهم ويكون الواليَ عليهم، فقبل ذلك وشنَّ الغارة على الوالي، فاعتصم
هذا بالقلعة، ولما لم يجد له وسيلة يتخلص بها من محمد علي اجتهد في الحصول على عهد
من الباب العالي بتنصيب محمد علي واليًا على جدة، فلم يلتفت محمد علي لهذا
التنصيب، وحاصرخورشيد باشا في القلعة، وأطلق عليها المدافع إطلاقًا ذريعًا، وذلك
في(صفر سنة ١٢٢٠ ه/مايو سنة ١٨٠٥ م).
وحينئذٍ
اجتمع علماء البلد ووجهاؤها وأقاموا محمد علي واليًا على مصر، فقام إليه إيذانًا
بالولاية( الكرك ) نقيب الأشراف وألبساه ( السيد عمر مكرم) الشيخ الشرقاوي و وكان
في يد السيد عمر أمر العامة في جميع أنحاء مصر، لا يعصون له أمرًا؛ فأيد أمرمحمد
علي بنفوذه وجاهه أكثر من ٤ سنين تأييدًا لم يقم به أحد مثله، وأرسل العلماء
رسولًا إلى الباب العالي ليلتمس العفو عما فرط منهم في حق الوالي ويرجو اعتماد
تنصيب محمد علي خلفًا له، فعلم السلطان من ذلك مقدار ميل الأهلين لمحمد علي، وأيقن
أنه أصبح صاحب الكلمة العليا في مصر، فوافق على تنصيبه واليًا عليها في (ربيع
الآخر سنة ١٢٢٠ ه/يوليو سنة ١٨٠٥ م). ولما علم خورشيد باشا بهذا النبأ سلَّم له
القلعة وتخلى عنها.
توطيد سلطة محمد علي في مصر
كانت لا
تزال سلطة محمد علي بعد يوليو سنة ١٨٠٥ مزعزعة الأركان؛ لأن اختياره واليًا كان
بالرغم من الباب العالي، فكان أولياء الأمور في القسطنطينية يتحيَّنون أول فرصة
للتخلُّص منه، فإنه وإن كان أدار الشئون المصرية بالضبط والمهارة، وقام بها خير
قيام، لا يبعد أن يجاهر يومًا ما بالعصيان في وجه الباب العالي كما فعل من قبل.
هذا إلى أن
ما حاق بالمماليك من المصائب والنكبات المتتابعة جعلهم يتَّحدون معًا على محمد علي
عدوهم العنيد، ثم دهمه أمر لم يكن في الحسبان، وهو ورود حملة إنجليزية لغزو مصر،
والسبب فيها يرجع إلى تحالف فرنسا مع الترك بعد توليته بعام ونصف، وكانت فرنسا إذ
ذاك في حرب عوان مع إنجلترا، فأرسلت الأخيرة حملة لتغزوَ البلاد المصرية باتفاق مع
حليفتها الروسيا مؤملة أن ترجع البلاد المصرية إلى حكم المماليك على الأقل، وتقضي
فساعد الحظ محمد ، وأرسلت أيضًا أسطولها ليقتحم الدردنيل على آمال الترك فيها علي باشا وتخلص من كل هذه
الأخطار التي كانت تحدق به، الواحد بعد الآخر؛ فأرضى الباب العالي، وقضى على
المماليك وسلطتهم، وتغلب بمعونة الأهالي وحامية رشيد على الحملة الإنجليزية.
ذكرنا
سابقًا أن المماليك كانوا يهددون القاهرة في أول ولاية محمد علي، وكان هذا أول خطر
يحدق به؛ لأن جميع ما لديه من الجند كانوا مشاة لا يقوَوْن على مكافحة فرسان
المماليك خصوصًا في الخلوات؛ حيث يمكنهم الكرُّ والفرُّ بكل نظام وبدون أدنى خطر،
فدبَّر لهم مكيدة أنفذها بعض الموالين له؛ وذلك أنهم اتفقوا سرٍّا مع رؤساء
المماليك على أن يفتحوا لهم أبواب القاهرة في يوم الاحتفال بفتح الخليج، أي في
الوقت الذي يكون فيه محمد علي وجميع ضباطه مشغولين لاهين في الاحتفال خارج
المدينة، على شرط أن يدفعوا لهم مالًا في مقابل هذه الخدمة.
فاغترَّ
المماليك ووقعوا في هذه الأحُبولة، فلما حلَّ اليوم المعهود دخلوا المدينة من باب
الفتوح، فلم يجدوا في حراسته إلَّا ثُلَّة ضئيلة من الفلاحين تغلبوا عليها بدون
عناء، ثم ساروا قاصدين باب زَوِيلة، فلما صاروا في قلب المدينة انصبَّت عليهم
النيران من جانبَي الشارع من النوافذ، وكان قد استعد لذلك محمد علي، فلما تنبهوا
لغلطتهم الْتَجأ أكثرهم إلى جامع برقوق، وسلَّم معظمهم عندما أمَّنهم الوالي على
حياتهم، إلا أنه رغم ذلك ذُبح معظمهم في (جمادى الآخرة سنة ١٢٢٠ ه/أغسطس سنة ١٨٠٥
م).
جرائم محمد علي باشا
ثم أراد
محمد علي أن يجمع مالًا لإعطاء الجند مرتبهم مخافة أن يُعزل كسابقيه، وأراد أيضًا
أن يجزل العطايا إلى أمير البحر التركي وكان راسيًا بأسطوله في مياه الإسكندرية،
يحمل الأوامر بمساعدة المماليك على محمد علي. ولما رأى أنه من المحالأن يضرب الضرائب على الفلاحين، ولا سيما أن جميع
الأراضي كانت لا تزال في قبضة المماليك، جمع بعض المال من أقباط مدينة القاهرة،
ووجد بفحص دفاتر الحساب أن الجُباة منهم اختلسوا ما لا يقل عن ٤٨٠٠ كيس، فأجبرهم
على دفعها؛ وبذلك أجزل.
العطايا
إلى أمير البحر التركي وأرجعه من حيث أتى، وكان ذلك في أكتوبر سنة ١٨٠٥ ولم يمر
على هذا الحادث إلا زمن يسير حتى عاد أمير البحر التركي نفسه يصحبه والي سلونيك
ليكون واليًا على مصر، ولينتقل محمد علي معه ليتولى منصب موسى باشا؛ فتظاهر محمد
علي بإظهار الطاعة لأوامر الباب العالي، ثم ادَّعى أنه يتعذر عليه أن يغادر مصر
توٍّا؛ لأن الجنود أبوا عليه النقلة ولا حيلة له في دفعهم، فإن فئة كبيرة من
الضباط عاهدوا أنفسهم وأغلظوا الأيمان والمواثيق ألا يخضعوا لأحد غيره، وأن
يعاضدوه ويأخذوا بناصره ولو على السلطان. وقد تظلَّم العلماء والأشراف لدى الباب العالي،
والتمسوا إبقاء محمد علي.
ومن حسن
حظه أن نشبت في هذه الفترة نار حرب بين الروس والترك، فاضطُر الترك بطبيعة الحال
إلى استدعاء أسطولهم إلى المياه التركية، فأبحر الأسطول بعد أن أجزل محمد علي
العطاء لأمير البحر وموسى باشا معًا، وأخيرًا وصل إلى مصر في ( ٢٤ شعبان سنة ١٢٢١
ه/نوفمبر سنة ١٨٠٦ م) عهد بتأييد محمد علي في منصب والي مصر.
وفي أثناء
هذه الحوادث جمع الألفي بك والبرديسي شعَث جيشهما، وأوثقا عُرى التحالف بينهما وبين البدو، وشنَّا الغارة على
محمد علي في بلاد الوجه البحري، وشجعهم على ذلك الأسطول التركي الذي كان راسيًا في
المياه المصرية.
فاشتبك
الألفي مع فرقة ثم انضم الألفي بعد انتصاره إلى ،( النجيلة) أرسلها عليه محمد علي،
فانهزمت عند البرديسي وحاصرا دمنهور، فدافع الأهالي عنها دفاعًا صادقًا، وأظهروا
شدةً وبسالةً لم تكن في الحسبان، على حين أن الألفي والبرديسي كانا يتنازعان
السيادة والأفضلية، وكان محمد علي يستعد للواقعة الفاصلة بينه وبين المماليك بعدما
تخلص من الأسطول التركي كما تقدم، فساعدته السعادة وحسن الجد بموت عدويه العظيمين؛
فمات البرديسي بالحُمَّى في(سنة ١٢٢١ ه/أكتوبر سنة ١٨٠٦ )، ومات الألفي في(ذي القعدة
سنة ١٢٢١ ه/يناير سنة ١٨٠٧ م)، وبموتهما تفرَّق أتباعهما أيدي سبأ، وفرَّ معظمهم
إلى الوجه القبلي.
ثم وصلت
الحملة الإنجليزية التي أسلفنا الذكر عن سبب مجيئها إلى الديار المصرية باختصار، وكان الغرض من هذه الحملة تأييد سلطة
المماليك ونزع البلاد من يد الباب العالي، ولكن كانت نتيجةُ الحملة الفشلَ التام؛
والسبب في ذلك يرجع إلى غلو الإنجليز في تقدير ما كان لدى المماليك من الجند. وصلت هذه الحملة في(أول المحرم سنة ١٢٢٢ ه/مارس سنة ١٨٠٧ م) واستولت
قوة لتحتل رشيد، فتغلَّبت عليها أولًا لضعف فريزر ) على الإسكندرية، ثم سيَّر
قائدها حاميتها، إلا أن الحامية عادت وأخذتهم على غِرَّة وبددت شملهم. ولَمَّا علم
محمد علي بما جرى في الإسكندرية رجع من مطاردة المماليك في الصعيد إلى القاهرة،
وجهز جيشًا سيَّره إلى رشيد، فالتقى هو وأهالي البلاد من رشيد ودمنهور وبعض أهل
البحيرة مع جنوبي رشيد وهزموهم شرَّ
هزيمة، ثم ذهب محمد على ( الحمَّاد )
الإنجليز عند قرية إلى جهة الإسكندرية وأراد أن يحاصرها، ولكن ولاة الأمور
الإنجليز كانوا أرسلوا إلى قائد الحملة بالرجوع، فأخلى الإسكندرية بعد أن عقد شروط
الصلح مع الوالي في دمنهور، وتركت الحملة البلاد المصرية في (رجب سنة ١٢٢٢
ه/سبتمبر سنة ١٨٠٧ م).
أما
العمارة البحرية التي أرسلتها الأمة الإنجليزية لاختراق الدردنيل فإنها حُطِّمت،
ولم ينجُ منها إلا بضع سفن. وكان من نتائج
هذه الحملة رضاء الباب العالي عن محمد علي، فمنحه السلطان خلعة وسيف شرف، وأمر
بإرجاع ابنه إبراهيم إليه وكان معتقلًا في
القسطنطينية. وقد صار لهذه
الإنعامات السلطانية أثر عظيم في توطيد سلطته؛ إذ كان في هذا الوقت في وَجَلٍ شديد
من جنده، حتى إنه استعد للاعتصام بالقلعة إذا تألَّبوا عليه.
مواضيع قد تهمك
2) قناة السوبس.
3) الاثار الفرعونية.
المراجع
1) ويكيبيديا.
2) المعرفة .
3) البوابة نيوز .
ختاما
رحمني الله وإياكم , أن الله جل جلاله أمرنا أن نصلي على
نبيه فقال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ
يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56] و لقد ذكرنا الاتي عن أسرة محمد علي باشا ,واستيلاء محمد على باشا على الديار المصرية ,وحقيقة محمد علي باشا ,ونهوض محمد علي ,وحروب محمد على باشا ,وانجازات محمد علي باشا ,وتوطيد سلطة محمد علي في مصر ,وجرائم محمد علي باشا ,و محمد علي باشا حقيقته و نهوضه و استيلائه على مصر في المقال اخي الزائر الكريم ارجو من الاشتراك بمدونتي .
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما
صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على
إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد...
التسميات :
الحديث
كان راجل محترم
ردحذف